للعام الثالث على التوالي، تألّقت هيئة فنون الطهي السعودية في مهرجان "تيست أوف لندن" الذي تحتضنه حديقة ريجنت في وسط لندن في يونيو 2025، ويستقطب هذا المهرجان عشاق المذاق من مختلف أنحاء العالم. وقدّمت هيئة فنون الطهي التابعة لوزارة الثقافة، جناحًا نابضًا بالحياة تحت عنوان "مذاق الثقافة السعودية"، لتأخذ الزوار في رحلة غنية داخل تراث المملكة الطهوي والثقافي.
تحوّل الجناح إلى منصة حيّة تستعرض تنوّع المطبخ السعودي، مما يعكس الدور المتنامي للمملكة في مجال الدبلوماسية الثقافية. ومن خلال عروض الطهي الحيّة وتجارب التذوق المنسّقة والأنشطة الثقافية التفاعلية، أتيحت للزوار فرصة اكتشاف عمق وأصالة المأكولات والعادات السعودية.
ومن أبرز ما ميّز مشاركة المملكة السعودية هذا العام هو حضور نخبة من الطهاة السعوديين المتميّزين والناشئين، الذين قدّم كلٌّ منهم لمساته الخاصة المستوحاة من منطقته إلى جمهور لندن. تراوحت عروضهم بين تقنيات الطهي التقليدية وتفسيرات معاصرة للأطباق التراثية، ما جعلهم لا مجرد طهاة، بل سفراء ثقافة. كما عكست مشاركة الطاهيات السعوديات التقدّم الملحوظ الذي تحقّقه المملكة في تمكين المرأة ضمن الصناعات الإبداعية. وقد حظيت العروض بتفاعل واسع من الزوار الذين اصطفوا في طوابير طويلة لتجربة الأطباق والمشاركة في ورش العمل. ويُذكر أن الجناح السعودي استقطب في النسخ السابقة والنسخة الحالية آلاف الزوار ونال إشادات إعلامية وتنظيمية على تجربة غامرة ومميزة بجودتها.
في قلب الجناح، برزت مجموعة من الأطباق السعودية التقليدية المحببة مثل الجريش والحنيذ والمطبق ، حيث تم إعدادها جميعًا أمام الجمهور في عروض طهي حيّة من قِبل طهاة سعوديين محترفين. وقد رُويت من خلال كل طبق قصة نكهات محلية وتراث طهوي متوارث عبر الأجيال. وتكاملت هذه الأطباق التراثية مع حلويات مبتكرة مثل الآيس كريم المصنوع يدويًا والمنكّه بمكوّنات سعودية محلية مثل ورد الطائف ومانجو جيزان والتمر الفاخر في مزيج يبرز التقاء الأصالة بالإبداع الحديث.
كما توافرت القهوة السعودية والتمور طوال فترة الفعالية وهو ما يعد رمزا للكرم والضيافة في المملكة إلى جانب مشروبات باردة بنكهات محلية. وضم الجناح متجرًا صغيرًا قدّم منتجات سعودية مثل المعمول بأنواعه وخليط القهوة التقليدية، مما أتاح للزوار شراء قطع تذكارية من الثقافة السعودية.
لكن التجربة لم تقتصر على الطعام فقط؛ فقد أتيحت للزوار فرصة التزيّن بنقوش الحناء التقليدية وارتداء تيجان الورد العسيري، والتعرف على دلالات هذه الرموز الثقافية. ويجسّد هذا النهج رسالة هيئة فنون الطهي في تعزيز الهوية السعودية ليس فقط من خلال النكهة، بل أيضًا عبر الحكايات والتجارب التفاعلية.
وقالت ممثلة من هيئة فنون الطهي: "عودة المملكة إلى مهرجان تيست أوف لندن تؤكد التزامنا المستمر بالتميّز في التبادل الثقافي وفنون الطهي. فالطعام هو لغة عالمية، ومن خلاله ندعو العالم لرؤية وتذوّق السعودية الحقيقية."
تتماشى مشاركة المملكة في المهرجان مع أهدافها السياحية الأوسع وأهداف رؤية 2030. ومع ما تحققه مشاريع مثل نيوم و شركة البحر الأحمر الدولية والدرعية من زخم عالمي، تسهم الفعاليات الثقافية في ترسيخ مكانة المملكة كوجهة لا غنى عن زيارتها. وقد منح جناح "مذاق الثقافة السعودية" الزوار لمحة من التجربة السعودية الكاملة: نكهات وحكايات وتقاليد متأصلة في التاريخ ومتجدّدة بروح معاصرة.