رحلة ثقافية ملهمة عبر ثلاث أمسيات ثقافية للشعر في الرياض

فعالية ثقافية بمثابة رحلة إبداعية لاستكشاف دور الشعر في عالم اليوم.

Make Tofu Not War, 2018, Goshka Macuga © The Artist. Courtesy of the Artist and Kate McGarry London. Photo © British Council
Photo by the British Council

في فبراير 2024، تحوّلت الرياض إلى منصة نابضة بالحياة للاحتفاء بالشعر والتعبير الفني. وعلى مدار ثلاث ليالٍ متتالية، أقيمت فعاليات "الليلة الأوروبية للشعر"، حيث تم تكريم الشعر من خلال رؤى متنوعة، جمعت بين أصوات من المملكة المتحدة والسعودية ومختلف أنحاء أوروبا في حوار ثقافي عميق.

نُظمت الفعالية من قبل المجلس الثقافي البريطاني في السعودية، بالتعاون مع الشريك الأوروبي للمعاهد الوطنية للثقافة (EUNIC)، وسدرة للفنون، ووزارة الثقافة. وقد تجاوزت هذه الأمسيات كونها مجرد قراءات شعرية، لتُشكل رحلة إبداعية تطرح تساؤلات حول مكانة الشعر في عالمنا المعاصر.

الأمسية الأولى: الشعر والخيال في عصر الذكاء الاصطناعي

افتتحت الفعاليات بأمسية مميزة جمعت بين اثنين من أبرز الأسماء الأدبية: الشاعرة البريطانية الحائزة على جوائز أسترِد ألبن، والروائي السعودي البارز الدكتور منذر القباني. كانت هذه الجلسة حوارًا ثريًا تجاوزت حدوده الجغرافيا والأنواع الأدبية، ليجسد لقاءً فكريًا بين مدرستين ثقافيتين مختلفتين.

أسترِد ألبن، المعروفة بأسلوبها الشعري العميق وتجاربها متعددة التخصصات، ألهمت الحضور برؤاها التي تمزج بين العلم والفلسفة والفن، وأكدت على قدرة الشعر في فتح آفاق جديدة للتفكير، خاصة في عصر تفرض فيه التكنولوجيا تحولات سريعة.

من جانبه، قدّم الدكتور منذر القباني، وهو أحد أعمدة الأدب الروائي في المملكة، رؤى مستندة إلى السرد التاريخي والتراث العربي، مبرزًا دور الأدب في تشكيل الهوية الثقافية. كما ناقش الطرفان أهمية الذكاء الاصطناعي في العملية الإبداعية، ليس كبديل، بل كأداة تفتح آفاقًا جديدة للتجريب الفني.

الأمسية الثانية: الليلة الأوروبية للشعر

في الليلة الثانية، شهدت الرياض احتفالية فريدة جمعت شعراء من مختلف الدول الأوروبية ضمن فعالية "الليلة الأوروبية للشعر"، حيث مثّلت أسترِد ألبن المملكة المتحدة، وشاركت في قراءات شعرية متعددة اللغات، مع توفير ترجمات فورية باللغة الإنجليزية لتوسيع دائرة الفهم والتفاعل. أُقيمت الأمسية على سطح مفتوح في قلب المدينة، ما أضفى على الأجواء سحرًا خاصًا تحت السماء الصافية.

كما شهدت الأمسية مشاركة شعراء سعوديين احتفاءً بعام الشعر العربي في المملكة، ما أتاح مساحة فريدة لتلاقي الأصوات الشعرية الأوروبية والعربية، وتعزيز الحوار الثقافي المتبادل. وقد أضافت أنغام "ميوزك هَب" السعودية لمسة موسيقية ناعمة انسجمت مع إيقاع القصائد.

الأمسية الثالثة: الشعر يوحّدنا

اختُتمت الفعاليات بأمسية حملت عنوان "الشعر يوحّدنا"، جمعت بين أسترِد ألبن والشاعر السعودي الحائز على جوائز غسان الخنيزي، في أمسية شعرية موسيقية أقيمت في "جاكس" بالتعاون مع سدرة للفنون ووزارة الثقافة.

قرأ الشاعران قصائدهما باللغتين الإنجليزية والعربية، احتفاءً بمشروع "الترجمة" الذي نتج عن تعاون استمر ثمانية أسابيع، وأسفر عن إصدار مشترك يتضمّن مختارات من قصائد ألبن مترجمة إلى العربية بقلم الخنيزي. أدارت الأمسية الإعلامية سلافة الخنيزي، فيما أضفى الفنان رائف بخاري بعدًا موسيقيًا مع ارتجالاته التي تمازجت بانسيابية مع النصوص الشعرية.

على مدار ثلاث ليالٍ، لم تكن الفعالية الثقافية للشعر مجرد احتفالية شعرية، بل كانت مساحة للتبادل الثقافي، واستكشاف فني، وبناء جسور إنسانية. ثلاث أمسيات، بثلاث لغات، ورؤية واحدة: أن الشعر ما زال قادرًا على جمع البشر، عبر الزمان والمكان، وتحت سماء واحدة.

انظر أيضًا

شركاؤنا

eunic
Ithraa
Manchestercamerata
RCU
RSIFF
Shubbak
VAC