أصبحت مسابقة إثراء للمسرحيات القصيرة التي ينظمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) من أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة، حيث تسلط الضوء على المواهب المسرحية الصاعدة وتوفر منصة للإبداع والسرد. وجاءت نسخة عام 2025، التي أقيمت في الظهران بين 11 و16 أغسطس 2025، لتجمع نخبة متنوعة من الكتّاب والمخرجين والممثلين، الذين قدموا تجارب جديدة تعكس شغفهم والتعاون ورغبتهم في مشاركة رؤاهم على خشبة المسرح.
تضمن البرنامج عشرة عروض أصلية قُدمت أمام جماهير مسرح إثراء على مدار ستة أيام. وقد جسدت هذه الأعمال طموح وإبداع جيل جديد من فنانتن المسرح السعوديين، حيث جمعت بين الأصالة والابتكار وتفاعلت بعمق مع المشهد الثقافي المتجدد في المملكة. وقد حصدت مسرحية "حتى يغيب الأمل" من إخراج سلام السنان، جائزة المركز الأول في هذه الدورة.
تكريم رائد من رواد المسرح السعودي
شهد حفل الافتتاح تكريم الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن السماعيل تقديراً لإسهاماته الكبيرة في مسيرة المسرح السعودي. وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، برز السماعيل ممثلاً وكاتباً ومخرجاً وناقداً وقائداً ثقافياً، وأسهم بدور محوري في تشكيل هوية المسرح السعودي الحديث وإلهام أجيال جديدة من الممارسين.
برنامج الإرشاد الفني من المجلس الثقافي البريطاني
تميزت دورة هذا العام ليس فقط بالعروض المسرحية، بل أيضاً ببرنامج الإرشاد الفني الذي قدمه المجلس الثقافي البريطاني دعماً لصنّاع المسرح السعوديين. فقد صُمم البرنامج لتزويد المخرجين والممثلين والكتّاب بإرشاد نوعي يساعدهم على تحويل أفكارهم الإبداعية إلى عروض متكاملة وجذابة.
شملت الورش مجالات أساسية مثل السرد المسرحي، الكتابة، بناء الشخصيات، وفنون الأداء. واستفاد المشاركون من جلسات عملية قادها نخبة من الموجهين: علياء الزعبي وعمّار حاج أحمد وندى ثابت ولما أمين، الذين نقلوا خبراتهم وأساليبهم المتنوعة، وساعدوا المشاركين على تطوير مواهبهم وتعزيز الإخراج واستكشاف أساليب جديدة في الأداء.
ويعكس هذا التعاون التزام المجلس الثقافي البريطاني الراسخ بتعزيز التبادل الثقافي، وجعل الفنون الأدائية جسراً لنقل المعرفة ورعاية الإبداع وبناء التواصل بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية.
لقاءات حوارية
إلى جانب التدريبات والعروض، شهدت المسابقة جلسات نقاشية جمعت خبراء وموجهين ومخرجين، وأتاحت للمشاركين والجمهور فرصة للتفكير في الدور الأوسع للمسرح داخل المجتمع.
تناولت إحدى الجلسات أهمية الإرشاد الفني كجسر بين الأجيال، ووسيلة للحفاظ على المعرفة وصقل المهارات الفنية والتقنية. كما استعرض الخبراء نماذج مختلفة من الإرشاد الرسمي وغير الرسمي، ودورها في استدامة المسرح كفن حي ومتجدد في المنطقة.
بينما ناقشت جلسة أخرى الدور المتنامي للفنانين في تشكيل هوية المسرح السعودي. ففي ظل النهضة الثقافية التي تشهدها المملكة، يقف الكتّاب والمخرجون والممثلون والمصممون في طليعة هذا التحول، حيث يسعون إلى إيجاد توازن بين التقاليد والحداثة، والتأثير على المحتوى والشكل وطبيعة التفاعل مع الجمهور، مع الاستفادة من الدعم المؤسسي والفرص الجديدة.

لنمضي نحو مستقبل مسرحي مستدام
أكدت مسابقة مسابقة إثراء للمسرحيات القصيرة لهذا العام أن الشراكات الدولية، مثل برنامج الإرشاد الفني من المجلس الثقافي البريطاني، قادرة على فتح آفاق للنمو وتطوير المهارات وتوسيع الحوار الثقافي. ومن خلال تمكين المبدعين الشباب بالأدوات اللازمة، تساهم هذه المبادرة في إعداد جيل جديد قادر على مواصلة مسيرة المسرح السعودي.
ومع إسدال الستار على عروض هذا العام، تركت وراءها دفعة من الحيوية والتفاؤل لتؤكد أن المسرح في المملكة لا يزال حياً ومتجدداً، مدعوماً بالإرشاد والتعاون، ومثرياً بأصوات فنانيه المبدعين.